عقب إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس، أتت إستجابة اليونيسف فورية وشاملة. وأتت التقديرات الأولية لتشير الى تأثر 300,000 شخص في شكل مباشر- بينهم 100,000 طقل- أعدت اليونيسف، في برنامج الإستجابة، مسوحات ميدانية للأسرر المتضررة، وأجرت سلسلة من التقييمات الهندسية الفنية للمباني الكبيرة بالتعاون مع شريكيها DPNA و LebRelief. وأحد أبرز الأولويات كان إعادة المياه الى المنازل والمدارس والمستشفيات المتضررة، على أن يتم ذلك بأسرع ما يمكن- مع الإستمرار في الإهتمام طبعا بأفضل الممارسات المتعلقة بالحماية من فيروس كورونا.
تحطمت مدرسة "القلب الأقدس" في منطقة الجميزة، التي يزيد عمر بنيانها عن 126 عاما، بفعلِ عصف الإنفجار. لحسنِ الحظ كانت فارغة الى حد كبير في تلك اللحظة، لحظة دوى الإنفجار الكارثي، وأتت الإصابات قليلة وطفيفة. مع ذلك، "تعرض المبنى الى أشدّ الأضرار في تاريخه" على ما قال مدير المدرسة رودولف عبود وأضاف "بالكاد نجد قطعة زجاج غير مكسورة. الأبواب محطمة. وتضررت سائر الخدمات في المبنى في شكل كبير. وإمدادات الكهرباء مكشوفة وفي حالة خطيرة جدا. وكل الأنابيب تحطمت وبتنا بلا مياه".
كل هذا حصل في حين كانت تعدّ المدرسة الترتيبات التي تؤهلها لإعادة فتح أبوابها أقله جزئيا- ملتزمة بقيود كوفيد- 19- أمام أطفال صفوف الروضة حتى الصف الثاني عشر، البالغ عددهم 1300 تلميذ، في شهر أيلول/سبتمبر.
أولى المكالمات التي تلقاها رودولف عبود كانت من شريكة اليونيسف DPNA. تملك المنظمتين سجلا طويلا من العمل الدؤوب الطويل من أجل توفير المياه العذبة والآمنة والنظيفة الى العائلات، كجزء من برنامج اليونيسف للمياه والصرف الصحي والنظافة العامة. ومعا، تركزان الآن على إعادة مدّ المياه الى قلب عاصمة البلاد.
تسعة خزانات مياه، سعة الخزان 1000 ليتر، جرى تركيبها في المدرسة، وزودتها اليونيسف بالمياه، وجرى إصلاح أنابيب المياه التالفة- حصل كل ذلك في غضون 48 ساعة. معظم الأعمال التي تجري على الأرض تتم عبر مجموعة من شباب لبنان- حيث تمّ تدريب 45 شابا لبنانيا، كجزء من برنامج آخر ليونيسف، على كيفية إعادة إنشاء وصلات المياه.
خلال عملية تقييمها للمنطقة المتضررة، أنهت DPNA، شريكة اليونيسف، 732 تقييما للمباني- وهناك 450 مبنى آخرين لم يتم الوصول إليهم حتى الآن بسبب شغورهم أو خطورة الدخول إليهم. وجرى تركيب خزانات المياه في 168 مبنى، وتمّ إصلاح الأنابيب في 153 مبنى آخرين، ويستمر العمل جاريا بالتعاون مع مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان لضمان إعادة ربط 83 مبنى بشبكة المياه العامة.
على بعد مسافة قليلة، الى الشرق نحو 1500 متر، على خط مباشر، متوازي مع صومعة القمح الشهيرة في مرفأ بيروت، يقع مستشفى الكرنيتنا- أو لنقل ما تبقى من مستشفى الكرنتينا- حيث مشهد آخر من مشاهد الموت والدمار اللذين سادا عصر ذاك اليوم، في الرابع من آب، وها هي اليونيسف تواصل اليوم العمل على إعادة فعالية الخدمات الأساسية الى ذاك الهيكل الفارغ الذي يعاد بناؤه.
ضروريٌ جدا إعادة تأهيل مبنى مستشفى الكرنتينا بالكامل- وقد هبّت اليونيسف بسرعة، جنبا الى جنب مع شريكتها DPNA، الى الموقع لاستبدال عشرين خزان مياه تالفا، سعة الخزان 1000 ليتر، وإصلاح الأنابيب التي تتسرب منها المياه. المستشفى الحكومي الوحيد في الكرنتينا- المنطقة التي تسكن فيها بعض العائلات والأطفال الأكثر ضعفا في بيروت- وهذا المستشفى هو نقطة محورية رئيسية للبنية التحتية الصحية لسكان الجوار، بالإضافة الى كونه مقرّ برامج اللقاح الوطنية للأطفال في لبنان.
بعد إجراء مسح للموقع وإجراء تقييم فني مفصل، جرى تركيب خزانات المياه وربطها في يوم واحد فقط.
وقع تأثير الإنفجار على الأسر أتى كبيرا وتمدد على مسافات واسعة. فإلى جانب منطقة الأشرفية الميسورة تقع منطقة كرم الزيتون المتواضعة، حيث الكثافة السكانية في شوارع ضيقة، تحدها من الجانبين طرق مزدحمة تمرّ عليها يوميا آلاف المركبات، من دون أن ينتبه الى وجودها أحد.
الى هؤلاء، الأسر الأكثر ضعفا في كرم الزيتون، كانت اليونيسف وشريكتها LebRelief، بين أول من سارعوا لتقديم المساعدة.
جورج سارويان، المقيم في لبنان، كان على بعد نحو مئتي متر من منزله حين وقع الإنفجار. كان عائدا الى منزله وعقله وقلبه وكل حواسه في اتجاهٍ واحد، في اتجاه زوجته وطفله الذي ولد حديثا- ويبلغ من العمر عشرة أيام فقط- وحين بلغ منزله ورأى الباب الرئيسي مخلعا أصيب بالذعر الى حين وجد زوجته وطفله سالميّن.